الدولة اللبنانية
آخر تحديث 02-08-2025 17:50

الدولة، وبغضِّ النظر عن شكلها -بسيطةً موحَّدةً أَو اتّحاديةً فيدرالية- هي شخصيةٌ معنوية ناتجةٌ عن تبلوُرِ أركانها، المتمثلة في الشعب والأرض والسلطة السياسية.

والدولة اللبنانية، كغيرها من الدول، شعبُها معلوم، وجغرافيتها معلومة، وسلطتها السياسية كذلك. وهذه السلطة هيئاتها معلومة: نيابية، وتنفيذية، وقضائية. ومكونات شعبها معلومة، وهي مكونات على قدرٍ كبيرٍ من الانسجام، ومصالحها المشتركة على قدرٍ كبيرٍ من الوحدة.

وعندما تتعرض أية دولة لعدوان خارجي، فَــإنَّ المستهدَف غالبًا هو رُكنُها المتمثل في المساحة الأرضية، وقد تتمثل الأطماعُ الخارجية إما في ثرواتٍ تحتويها هذه المساحة، أَو في موقعٍ استراتيجي تمثل السيطرة عليه هدفًا استراتيجيًّا للدولة المعتدية، أَو أن السيطرةَ تكون بهَدفِ التوسُّع وزيادة المساحة الجغرافية للدولة المعتدية. وبطبيعة الحال؛ فَــإنَّ ركن المساحة -بوصفه ركنًا من أركان الدولة- لا يمكنه بذاته الدفاع وردّ العدوان.

ولذلك، فَــإنَّ الركنَ العاقلَ من أركان الدولة، وهو ركنُ الشعب، هو الذي يقع على عاتقه الدفاع ورد العدوان. وتجهّز الدول غالبًا لهذه المهمة قوات نظامية عسكرية مدرَّبة تدريبًا عاليًا يمكّنها من مواجهة الأعداء. غير أنه في حالاتٍ متعددة، إما لضَعفِ سلطة الدولة، أَو لعدم انسجامها، أَو لانهيارها لأيِّ سببٍ كان، أَو لوجود حالة تنازع داخلي بين مكونات شعب الدولة؛ أَو لأَنَّ المساحةَ الجغرافية مكونة من جُزرٍ معزولة عن بعضها، يصعب -لضعف سلطة الدولة- حمايتها من خلال قوات عسكرية مركزية.

وإذا ما تحقّقت حالة من الحالات السابقة، فَــإنَّ ركن الدولة المتمثل في المساحة الأرضية سيتعرض للسيطرة عليه بكل سهولة. وليس معنى ذلك أن يتنصَّلَ الشعب من واجب الدفاع عن أرضه، بل إن الواجب على أفراد الشعب تشكيل فصائل مقاومة لمواجهة العدوان. وهذا الواجب، في حَقِّ سكان الجزء المعرّض للعدوان من المساحة الجغرافية للدولة، أوجب عليهم من غيرهم من أفراد الشعب في الأجزاء الأُخرى من جغرافية الدولة.

وإذا ما طُبِّق ما سبق على الدولة اللبنانية، فَــإنَّنا سنجدُ أن السلطةَ السياسيةَ فيها ليست بتلك القوة التي تمكِّنُها من مواجهة عدوان الكيان الصهيوني وخططه الشيطانية السرطانية التوسعية الرامية إلى احتلال جنوب لبنان. وطالما أن الأمرَ كذلك، وأن أبناءَ الجنوب اللبناني هم المعرَّضون لخطر العدوان الصهيوني؛ فَــإنَّ الواجبَ عليهم مواجهةُ هذا العدوان، خُصُوصًا في ظل ضَعف سلطة الدولة وعدم قدرتها على المواجهة.

وما يُطرَحُ حول حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ما هو إلا مُجَـرّد أُكذوبة وتضليل من جانب القوى الاستعمارية الغربية، التي تبدي حرصها على سلامة واستقرار لبنان، وهي في الحقيقة تساعد الكيان الصهيوني على السيطرة على جغرافية الدولة اللبنانية دون أية مقاومة. فأبناء الجنوب، المنضوون تحت راية حزب الله، هم جزءٌ أَسَاسٌ من ركن الشعب في الدولة اللبنانية، والسلاح الذي بأيديهم هو، في الحقيقة، بيد الدولة اللبنانية، وليس بيد دولةٍ أُخرى.

ويأتي الأمريكي، وبكل وقاحة، ليطالبَ بنزع سلاح الدولة اللبنانية؛ بذريعة أن هذا السلاح بيد حزب الله، ومنتسبو حزب الله -كما ذكرنا آنفًا- هم جزء من ركن الشعب في الدولة اللبنانية، ويقطنون جزءًا من ركن المساحة الأرضية للدولة اللبنانية، وهم ليسوا من القوقاز أَو من الإيغور أَو من أية قومية أُخرى، حتى يطالب الأمريكي، بكل هذه الوقاحة، بنزع سلاحهم، ليفسح المجال أمام عربدة الكيان الصهيوني في كامل الجغرافيا اللبنانية.

وما ينكره الأمريكي على لبنان من حق أبنائه في الدفاع عن أنفسهم وعن أرضهم في مواجهة العدوان، سبق للدستور الأمريكي ذاته أن تبنّاه وأقرّ به؛ فقد نص البند رقم (3) من الفقرة العاشرة من المادة الأولى من الدستور على أن:

"لا يجوز لأيّة ولاية... أن تحتفظَ بقوات عسكرية أَو سفن حربية في وقت السِّلم... أَو تشتبك في حرب، إلا إذَا غُزيت فعلًا أَو إذَا كان هناك خطر داهم لا يسمح بالتأخير".

وهذا النص يقرّ للأمريكيين بحق الاشتباك مع أية قوة غازية دون انتظار للسلطة المركزية، بشرط وجود غزو فعلي أَو خطر داهم. وهذا ما هو قائم فعلًا في الحالة اللبنانية: فالغزو الصهيوني قائم، وخطره داهم، لا يمكن السكوت عنه، ولا يجوز التأخير في مواجهته انتظارًا للسلطة المركزية، التي إذَا ما تحَرّكت، فَــإنَّ تحَرّكها سيكون مساندًا وداعمًا للمقاومة الشعبيّة المحلية.

ويصف الأمريكي الوقحُ المقاومةَ في الجنوب اللبناني بـ"الميليشيا"؛ أي القوة غير النظامية، وكأن هذا الوصف أمرٌ معيبٌ في حق الدولة اللبنانية فقط. أما بالنسبة للأمريكي، فالميليشيا مسألةٌ لها أهميتُها، وقد أقرّ بها الدستور، حَيثُ ورد في البند (1) من الفقرة الثانية من المادة الثانية من الدستور الأمريكي ما نصّه:

"يكون الرئيسُ قائدًا أعلى لقوات جيش وبحرية الولايات المتحدة ولميليشيات مختلف الولايات عندما تُدعَى إلى الخدمة الفعلية لدى الولايات المتحدة".

والواضحُ من هذا النص أن كُـلَّ جزء من الأجزاء المكونة لجغرافية الولايات المتحدة لديه قوات غير نظامية (ميليشيات)، وهي تخضع، حين استدعائها للخدمة أَو في الظروف الاستثنائية، لرئيس الولايات المتحدة. وهذا أمر لا مشكلة فيه بالنسبة لأمريكا، لكنه، بالنسبة للبنان أَو لغيره، يُعدّ مشكلة. بل إن مُجَـرّد وصف جهة ما بأنها "ميليشيا" يعني أنها ستُوصم وتُصنّف بتصنيفات متعددة، على رأسها وصفها بـ"الإرهاب"!

ولم يكتفِ الأمريكي بما سبق، بل لقد تدارك بعض أوجه القصور في نصوص الدستور، على مدى عقود من الزمن، من خلال التعديلات المتكرّرة التي أُدخلت عليه. وقد اختص التعديل الثاني بحق اقتناء المواطنين للسلاح؛ إذ نص هذا التعديل على:

"حيث إن وجود ميليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أيّة ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها".

فذلك حَقٌّ للأمريكيين، أما بالنسبة للآخرين، فيُروَّجُ لخطورة حيازة السلاح وضرورة نزعه من الأفراد؛ لا حرصًا من الأمريكي على أمن البلدان التي يروّج فيها لذلك، بل لكي يتمكّن من الحركة بأمان ويعبث بأمن واستقرار تلك البلدان بما يخدم أجنداته وأهدافه ومصالحه غير المشروعة. وليس عنّا ببعيد ما فعله الأمريكي وعملاؤه في بلادنا بمقتنيات الشعب اليمني من السلاح، خُصُوصًا ما يتعلّق منها بوسائل الدفاع الجوي.

وذات اللعبة، بل وأخطر منها، تلعبها اليوم الإدارة الأمريكية، وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية، في لبنان، بمساعدة عدد من الأنظمة الوظيفية العربية، على رأسها النظام السعوديّ. هدف هذه اللعبة هو إخضاع كامل جغرافية الدولة اللبنانية للكيان الصهيوني، من خلال التهويل بخطورة سلاح حزب الله على الأمن الداخلي. وما لم يتحقّق لهم ذلك، فلن يتردّدوا في إقحام اللبنانيين في صراع داخلي يخدم أهداف الكيان الصهيوني.

والواجب، على المستوى الرسمي في لبنان، هو عدم الانجرار خلف الترويج الأمريكي لما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة. فـ"يد الدولة" هم مواطنوها، وعندما يكون السلاح بأيديهم، فهو بيدها. وغير ذلك وهمٌ وسراب، وخداعٌ وتضليل، يتوجب على اللبنانيين أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، ليس من حزب الله، ولا من سلاحه، بل من الإدارة الأمريكية، وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية، والأنظمة الوظيفية العربية، وعلى رأسها السعوديّة.

مسير لطلاب مدارس مدينة البيضاء تنديدًا بجرائم الإبادة والتجويع في غزة
البيضاء| المسيرة نت: نظّم طلاب مدارس مدينة البيضاء اليوم الاثنين، مسيرًا طلابيًّا؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني وتنديدًا بجرائم الإبادة والتجويع التي يتعرض لها أبناء غزة نتيجة الحصار الذي يفرضه العدوّ الصهيو أمريكي.
أسامة حمدان: هندسة التجويع جريمة ضد الإنسانية ووصمة عار سيدفع ثمنها كل داعمي العدو والصامتين والمتواطئين معه
متابعات| المسيرة نت: أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان أن العدو الإسرائيلي مازال يواصل حرب الإبادة والتجويع ضد قطاع غزة منذ 669 يوما
الرئيس الإيرلندي يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى تفعيل الفصل السابع للأمم المتحدة ضد الكيان الإسرائيلي
متابعات | المسيرة نت: دعا الرئيس الأيرلندي مايكل هيغينز، أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، إلى اتخاذ خطوات حازمة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد الكيان الإسرائيلي، على خلفية جرائم الإبادة والتجويع المرتكبة في قطاع غزة.
الأخبار العاجلة
  • 03:48
    مصادر فلسطينية: جيش العدو الإسرائيلي ينسف منازل سكنية شرق مدينة غزة
  • 03:43
    مصادر فلسطينية: استشهاد الأسير أحمد طزازعة من مدينة جنين، داخل سجن "مجدو" تحت تأثر ضرب قوات العدو الإسرائيلي في الأسر
  • 03:35
    مصادر فلسطينية: شهداء جراء غارات العدو الإسرائيلي على غزة منذ منتصف الليل
  • 03:20
    مصادر فلسطينية: انتشال شهيدين إثر قصف العدو الإسرائيلي شقة سكنية لعائلة الصعيدي في شارع النصر بمدينة غزة
  • 03:19
    مصادر فلسطينية: حملة اعتقالات تشنها قوات العدو الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة برطعة شمال جنين في الضفة الغربية
  • 02:46
    مصادر فلسطينية: العدو الإسرائيلي يستهدف بطائرة انتحارية محيط مفترق جحجوح بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة