الخُلُقُ الحسن سلاحُ الحق من النبي إلى الإمام الحسن إلى المقاومة

الأخلاقُ الحسنة هي الدعامة الأولى
لحفظ كيان الأمم، فلا تنهض الجماعات البشرية، ويُعمَر بنيانها، ويستقيم حالها، وتسمو
حضارتها إلا بالأخلاق الحسنة الفاضلة. فهي الركيزة الأَسَاس في كُـلّ مجتمع ينشد
المحبة والإخاء، ويحرص على النهضة والبناء. ومن أجل ذلك كانت رسالة الأنبياء تحث
على الأخلاق الفاضلة: (إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق).
فثمرة الخُلق الحسن: الألفة، وانقطاع
الوحشة. فدأب الفاضل ودَيْنه: تعلُّم الأخلاق الفاضلة، واكتساب الأخلاق الحسنة، ورفع
راية الجهاد، وعدم إقرار أهل الظلم على ظلمهم وبغيهم. ولأنه لا يفوزُ بالأخلاق
الحسنة أحد حتى يبحث عنها ويتعلّمها ممن سبقه من أصحاب الأخلاق الرفيعة والمُثُل
العليا.
ونجدُ في سيد شباب أهل الجنة، الإمام
الحسن بن علي عليهما السلام، في سيرته، منهجًا عمليًّا يجسد القيم الإسلامية
السامية. فقد وُصف بأنه كان أشبه الناس برسول الله ﷺ خَلقًا وخُلقًا وهديًا في
الطريقة والاستقامة. فهو سبط النبي ﷺ، وابن الإمام علي عليه السلام، وأمه فاطمة
الزهراء رضي الله عنها. وكان الإمام الحسن معروفًا بحلمه، وكرمه، وشجاعته، وتقواه.
وقد قال عنه وعن أخيه جدّه المصطفى ﷺ: "الحسن والحسين ريحانتاي، مَن أحبهما
أحبني".
وُلد -رضوانُ اللهِ عليه- في الخامس
عشر من شهر رمضان في المدينة المنورة، في بيت الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء. وقد
استقبل النبي ﷺ نبأَ ولادته بالفرح والسرور، فحضر مكانَ ولادته، وأذَّنَ في أُذُنِه
اليُمنى، وأقام في أذنه اليسرى. وسمّاه رسول الله ﷺ بأمر من الله عن طريق الوحي (جبريل
عليه السلام) "الحسن"، بعد أن كان قد أُريد تسميته "حربًا". وعقّ
عنه رسول الله ﷺ بكبش في اليوم السابع، وحلق رأسه، وتصدّق بوزن شعره فضةً. وعاش في
طفولته سعيدًا تحت رعاية أبويه وجده رسول الله ﷺ.
وكان معروفًا بالحلم، والتواضع، ولين
الجانب، والكرم غير المحدود. فقد حكت كتبُ التاريخ أنه كان يشاركُ الفقراءُ ويجلس
معهم، ويستضيفهم ويكرمهم. ولما سمع رجلًا يدعو الله بعشرة آلاف درهم، أرسلها إليه فورًا.
وكان يعطي قبل السؤال؛ فقد جاءه أعرابي، فأعطاه كُـلّ ما في خزانته قبل أن يطلب، وقال:
"نحن قومٌ نجودُ بنوالِنا قبل السؤال".
ويُحكى أنّه عندما تنافس رجلان في
سخاء قومهما، أعطى الإمام الحسن 150 ألف درهم، بينما أعطى عشرة من بني أمية عشرة
آلاف فقط.
وحينما شتمه رجل من أهل الشام – قد
غُذِّي بالكراهية لأهل بيت النبي – قال له: "أظنك غريبًا، لو سألتنا لأعطيناك".
فانقلب الرجل خجلًا، وقال: "الله أعلم، حَيثُ يجعل رسالته".
وقد اشتهر الإمام الحسن بالعفو، والزهد،
والخشوع في العبادة. فقد حجّ ماشيًا إلى البيت العتيق خمسًا وعشرين مرة، وشارك في
الجهاد عند فتح طبرستان فأظهر شجاعته. وشارك في حروب الإمام علي عليه السلام ضد
الناكثين والقاسطين. وبويع بالخلافة في الكوفة بعد استشهاد أبيه الإمام علي عليه
السلام سنة 40 للهجرة، فواجه وضعًا سياسيًّا شديد التعقيد بعد الفتنة التي أحدثها
معاوية في عهد أبيه، والتي سببت سفك دماء الكثير من المهاجرين والأنصار، وعلى
رأسهم عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت، على يد معاوية وفئته الباغية.
وبعد فترة من المناوشات العسكرية، آثر
الإمام الحسن رضوان الله عليه حقن دماء المسلمين وتوحيد كلمتهم بالمصالحة، بعد أن
اشترط على معاوية الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإعادة الشورى، والأمر إلى أهله،
والأمانة إلى أهلها، وأخذ العهد على ذلك. فظهر بذلك أنه لم يكن من الصدفة ثناء
النبي ﷺ على سبطه الحسن بقوله: "إن ابني هذا سيد، ولعلّ الله أن يصلح به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين".
غير أن معاوية لم يفِ بعهده، ولا
تزال آثار فتنته المدمّـرة ماثلة إلى اليوم. فقد دسّ السمّ لسيد شباب أهل الجنة عن
طريق جعدة بنت الأشعث بن قيس (زوجته)، التي أغراها بالمال ووعدها بالزواج من ابنه.
فالروايات التاريخية في مصادر السنة والشيعة جميعًا تشير إلى ذلك، وأنه مات
مسمومًا فربح الشهادة. وتتفق مصادر الشيعة والسنة على تحديد وفاته مسمومًا سنة 50
للهجرة. وقد أوصى عليه السلام بدفنه جوار جده رسول الله ﷺ، ولكن مروان بن الحكم –
عامل معاوية على المدينة – منع من ذلك، فدُفن بجوار أمه فاطمة الزهراء، رضوان الله
عليهما، في البقيع.
لقد جسّد الإمام الحسن بن علي عليهما
السلام الأخلاق الإسلامية والإنسانية في أقسى الظروف، حتى في صلحه مع معاوية، الذي
كان يهدف إلى حقن دماء المسلمين، والمحافظة على العقيدة الإسلامية، وجمع كلمة
الأُمَّــة، وتوحيد صفوفها، والمحافظة على مكتسباتها وفتوحاتها.
حتى أصبح الإمام الحسن نموذجًا للإنسان
الكامل الذي يجمع بين سمو الروح وعظمة التعامل؛ مِمَّـا جعله محبوبًا لدى الأصدقاء
والخصوم. كما قال ابن عباس: "هذان ابنا رسول الله، أوَليس من نعمة الله أن
أمسك لهما رِكابَهما؟".
لتبقى مدرسته في الأخلاق الإسلامية
والإنسانية تتجاوز حدود الزمان والمذاهب. وفي الحديث النبوي الذي يصف مكانته:
"أما الحسنُ فَــإنَّ له هديي وسُؤْدُدِي". وصحّ من رواية أهل البيت:
"الحسن والحسين إمامان قاما أَو قعدا".
فهو رابع أهل الكساء، وثاني أئمة أهل
البيت عليهم السلام، وخامس الخلفاء الراشدين.
فهل يا ترى في عصرنا هذا تستفيد
الأُمَّــة، في ذكرى استشهاد الإمام الحسن، من أخلاقه العطرة؟ وتتجنب ظلم معاوية
له وللأُمَّـة؟ وتصحح المسار في جانب الحق وأهله؟ وترجّح كفة الابتعاد عن الظلم؟
وتُقلع عن ممارسة حصار اليمن؟!
وإن كان تيار الظلم لا يزال يطل
بوجهه في عصرنا الحاضر، مجسدًا في الصهيونية اليهودية التي تسفك الدماء في فلسطين
على مرأى ومسمع من العالم، فكأن جماعة المسلمين الذين تفرجوا على ظلم الإمام الحسن
والإمام الحسين، هم الذين يتفرجون على قتل الفلسطينيين في غزة صباحَ مساءَ، عدا أنصار
الله وحزبه في يمن الإيمان والحكمة، بقيادة قائد المسيرة القرآنية، ورجال الثورة
الإسلامية في إيران ولبنان؛ فَــإنَّهم في محور المقاومة يمثلون رجال الصدق
والجهاد، ويقفون في وجه الصهيونية بعزيمة وجهاد، ليكونوا مدرسةَ الحق، أنصارَ الله
ورسوله، وأنصارَ أهل البيت الذين رفعوا راية الجهاد والاجتهاد:
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

العميد زهوي: العمليات اليمنية الأخيرة تثبت وجود تطوير للمُسَيّرات وتفتح مسارات استنزاف متعددة للعدو
خاص | المسيرة نت: سلّط خبير عربي في الشؤون العسكرية والاستراتيجية الضوء على العمليات اليمنية الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة بثلاث طائرات على أهداف في عمق الاحتلال الصهيوني.
مظاهرات عالمية تهتف باسم "فلسطين"...تندد بـ"التجويع" وحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
المسيرة نت: شهدت دول عربية وإسلامية وأوروبية، الأحد، مظاهرات حاشدة، استجابة لدعوات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتصعيد الحراك الجماهيري العالمي، نصرة لغزة والقدس والمسجد الأقصى والحق الفلسطيني في الأرض والحياة.
مظاهرات عالمية تهتف باسم "فلسطين"...تندد بـ"التجويع" وحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
المسيرة نت: شهدت دول عربية وإسلامية وأوروبية، الأحد، مظاهرات حاشدة، استجابة لدعوات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتصعيد الحراك الجماهيري العالمي، نصرة لغزة والقدس والمسجد الأقصى والحق الفلسطيني في الأرض والحياة.-
05:32مراسلنا في صعدة: إصابة اثنين من المهاجرين الأفارقة بنيران العدو السعودي قبالة آل ثابت بمديرية قطابر الحدودية
-
04:44مصادر فلسطينية: قوات العدو تعتقل شابا من بلدة تقوع جنوب بيت لحم
-
03:57مصادر فلسطينية: قوات العدو الصهيوني تقتحم حي خلة العامود في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة
-
03:19ترامب: سنفرض عقوبات على روسيا في حال لم توقف الحرب في أوكرانيا
-
03:18مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تداهم منازل المواطنين خلال اقتحام بلدة "صوريف" شمال الخليل
-
03:18مصادر فلسطينية: قوات العدو الصهيوني تقتحم مدينة قلقيلية وحي الإرسال بمدينة البيرة وتداهم منزلا في بلدة بيتا بالضفة الغربية