-
العنوان:الجولاني حكيمًا
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:
-
التصنيفات:مقالات
-
كلمات مفتاحية:
تعرّضت العاصمة السورية دمشق وعدد من المحافظات السورية نهاية الأسبوع
الماضي لجريمة عدوان صهيونية، والأصل أن يترتب على هذه الجريمة إصرارٌ سوري على
الرد بالمثل؛ باعتبَار أن جريمة العدوان من شأنها أن تمنح سوريا حق الرد على كافة المستويات
وبمختلف الوسائل، دون أن تتعرض لأي لوم؛ باعتبَار أن الرد على جريمة العدوان في
هذه الحالة يجسد حالة الدفاع عن النفس، لكن السلطة الحاكمة في سوريا التي يقبع على
رأسها أبو محمد الجولاني، المصنَّف إرهابيًّا ضمن هيئة تحرير الشام لما قبل ديسمبر
2024م والمسمى أحمد الشرع بعد ذلك، لم يتخذ وحكومته أيَّ إجراء سوى الإدانة
بعبارات خجولة، ودعوة مجلس الأمن للانعقاد!
وكان الأجدر بالجولاني أَلَّا يطلب من مجلس الأمن مُجَـرّدَ الانعقاد
لمناقشة العدوان الصهيوني، بل أن يبلِّغَ مجلسَ الأمن في رسالة عاجلة أن سوريا
اتخذت إجراءاتٍ عسكريةً فورية ردًّا على جريمة العدوان، وأن يطلب من المجلس إسناد
حق سوريا في الدفاع عن النفس؛ تجسيدًا لما ورد في المادة (51) من ميثاق الأمم
المتحدة التي نصت على أن (ليس في هذا الميثاق ما يضعف أَو ينتقص الحق الطبيعي للدول،
فرادى أَو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذَا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم
المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي،
والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالًا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورًا،
ولا تؤثر تلك التدابير بأية حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المُستمرّة
من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتِّخاذه من الأعمال
لحفظ السلم والأمن الدولي أَو إعادته إلى نصابه).
ومع ذلك ورغم ما يكفله هذا النص بشكل واضح وصريح للدولة المعتدى عليها من
حق طبيعي في رد العدوان، وما يؤكّـد عليه من واجب على مجلس الأمن في إسناد الدولة
المعتدَى عليها، اختار الجولاني حالة الضعف والذل والهوان، وتم إجباره عقب استهداف
وزارة الدفاع وهيئة الأركان في العاصمة دمشق ومحيط قصره الرئاسي على سحب قواته
العسكرية من محافظة السويداء، ليسقط بذلك الوجه الداخلي لسيادة السلطة، فالأصلُ أن
لسلطة الدولة سيادةً داخليةً على كُـلّ إقليمها وكل من يقيم على هذا الإقليم من
وطنيين وأجانب، وسقط كذلك الوجهُ الخارجيُّ لسيادة السلطة في مواجهة غيرها من
الدول؛ باعتبَار أن انسحابَ الجيش والأمن التابع لسلطة الجولاني من محافظة
السويداء، وهي أرضٌ سورية لم ينتج عن عواملَ داخلية مُجَـرّدة، بل إن هذا الانسحابَ
جاء؛ بسَببِ عواملَ وتأثيراتٍ لقوى خارجية.
ويؤكّـد ذلك أن سلطة الجولاني لا تملك حرية التصرف، وفقًا لما تمليه عليها
المصلحة الوطنية، بل إن تصرفاتِها تأتي استجابةً لإملاءات خارجية، وهو ما يعني أن
لا سيادةَ لهذه السلطة في مواجهة القوى الخارجية، والملفت هو ذلك الإخراج السيء الذي
روَّجت له الماكينةُ الإعلامية الناطقة بالعربية لتحول به حالة الاستسلام والضعف والذل
والخزي والعار الذي ألحقه الجولاني وسلطته بسوريا أرضًا وإنسانًا، إلى حالة أُخرى
مغايرة تمامًا للوقائع الماثلة للعيان على أرض الواقع!
وفي تضليلها للرأي العام صوَّرت الماكينةُ الإعلامية الناطقة بالعربية
الخزيَ والعار الذي ألحقه الجولاني بسوريا أنه تصرف حكيم، وأنه رد حصيف جنَّب
سوريا وشعبها المزيدَ من التصعيد من جانب الكيان الصهيوني، وروَّجت ولا زالت تروِّج
هذه الماكينة الإعلامية لتصرف الجولاني الموصوف بأنه حكيم، وهي بذلك تستمر في
تضليلها للرأي العام العربي والإسلامي، بتصويرها لحالة الضعف والذل والخزي والاستسلام
بأنها حكمة! وأن عدوان الكيان الصهيوني، وفقًا لمحللي قناة "الجزيرة"
الناطقة بالعربية (ناتج عن إخفاق وأزمة داخلية لدى نتن ياهو وحكومته)!
وروّجت الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية لمواقف الأنظمة العربية والإسلامية
المؤيدة للتصرف الحكيم من جانب سلطة الجولاني الحاكمة في سوريا، رغم أنه وبالتزامن
مع هذا الترويج تردّد هذا الماكينة تصريحات المجرم نتن ياهو وأعضاء حكومته، أن
موقف الجولاني وحكومته تم انتزاعُه بفعل القوة المسلحة، التي تباهى قادةُ الكيان
المجرم بها وبفعلها المؤثر!
والواضح أن حالةَ الحكمة المزعومة المنسوبة للجولاني لا يبدو أنها تقتصر
على سوريا فحسب، بل إنَّ هذه الحالة نموذجٌ يراد تعميمُه على بقية دول المنطقة
التي لا تزالُ لديها قوة عسكرية، ولو لم يكن لها تأثير مباشر على الكيان الصهيوني
أَو تلك الدول التي لا تزال بعيدة نسبيًّا عن خط التطبيع مع هذا الكيان المجرم، بحيثُ
إن أي هجوم مستقبلي من جانبه على المنشآت السيادية لأيٍّ من هذه الدول العربية، يوجبُ
على القائمين على السلطة فيها الاقتدَاءُ بالتصرُّف الحكيم للجولاني!
فالدورُ قادمٌ على مصر وتونس والجزائر، ورغم أن النظام المصري منخرط منذ
عقود في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، غير أن هذا الكيان ينظر إلى الجيش
المصري أنه يشكل خطورة مستقبلية عليه، وأنه لا بد من تدميره وتفكيكه، وذات القول
ينطبق على الجيشَين التونسي والجزائري رغم بُعدهما جغرافيًّا عن الكيان الصهيوني، لكنه
يهدف إلى إزالة كُـلّ ما من شأنه أن يشكل عائقًا أمام المشروع التدميري الصهيوغربي
للمنطقة العربية، ومن ثَم فَــإنَّ على هذه الدول أن تضع في اعتبارها التصرف
الحكيم للجولاني! إذَا ما تعرضت عواصمها ومراكزها السيادية لهجمات صهيونية في
المستقبل القريب!
وسيكون الشريك الأمريكي حاضرًا للعب دور الوسيط كما فعل عقب الهجوم على
العاصمة السورية دمشق، وستكون الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية حاضرة وجاهزة للإشادة
بحكمة الحكام العرب وتضليل الرأي العام! ليتقبل الخزي والذل والعار الذي سيلحق
ببلدانهم، والدمار الكبير الذي ستتعرض له مقومات حياتهم، دون أية ردة فعل من جانب
حكامهم، فما تعرضت له سوريا ليس إلا حالةٌ المطلوبُ من بقية الدول العربية المعنية
استدعاؤها في حال تعرضها لعدوان صهيوني، وعلى حكامها الاستفادة من حكمة الجولاني، عند
صياغة بيانات الإدانة، ودعوة مجلس الأمن للانعقاد، أَو حين إذاعة خطابات الحكمة
على الطريقة الجولانية!
أبو محمد الجولاني الإرهابي سابقًا، وأحمد الشرع حَـاليًّا أهان سوريا
والشعب السوري أيما إهانة، ولا مجال للحديث هنا عن جيش سوري وطني، فلو كان الجيش
متصفًا بهذه الصفة، ومدركًا أنَّ على عاتقه يقع عبء الدفاع عن سيادة البلاد، لما
سمح مطلقًا للعميل الإرهابي الجولاني إعلان ذلك الموقف المخزي المهين والمذل للشعب
السوري، لكنْ لأَنَّ مسمى الجيش السوري هو عبارة عن لفيف من المجموعات الإرهابية، محلية
وأجنبية، التي عملت لخدمة أجندات قوى خارجية، لن يتحَرّك مطلقًا في مواجهة هذه
القوى، التي تعد المموِّلَ والمحرك والمشغل لتلك المجموعات!
ولو كان لدى الجولاني ومجموعاته الإرهابية أدنى فَهم للقيم الإسلامية لتصرَّفَ
وفقًا لما تمليه عليه تلك القيم، التي تقدم المسلم في مواجهة الأعداء قويًّا عزيزًا،
وليس ذليلًا جبانًا ضعيفًا خانعًا؛ فاللهُ -سبحانه وتعالى- وهو الحكيمُ الخبيرُ
أمر المسلمين بقتال من يقاتلهم، بغض النظر عن الفارق في العدة والعتاد، وأن يكون
ذلك القتال لله وفي سبيل الله ليحظى المسلمون بمعية الله وعونه ورعايته وتأييده، فقال
عز من قائل: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ
يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ ففي القتال رَدٌّ للعدوان، وليس في
الخنوع والجبن والذل والاستسلام إلَّا المزيدُ من الخزي والإذلال.
وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بإلحاق الهزيمة والذل والخزي بأعداء
الأُمَّــة، ونصر المسلمين عليهم والاقتصاص منهم لمن نالهم الأذى؛ بسَببِ عدوانهم
فقال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ
وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ﴾ واعتبر اللهُ سبحانه وتعالى مواجهةَ
الأعداء إيمانًا به عز وجل وتصديقًا لوعده بالنصر، وتجارةً رابحةً ليس فيها أية خسارة
فقال جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ
عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
والله سبحانه وتعالى أمر بقتال الأعداء وهو أحكمُ الحاكمين، فكيف يمكن
لشعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية القبولُ بترويج الماكينة الإعلامية للخزي والذل
والهوان والاستسلام على أنه حكمة، وللإرهابي الجولاني أنه حكيم؟ ألا يعني ذلك القبول
بسيادة السلوك الإجرامي للكيان الصهيوني على العالم الإسلامي عُمُـومًا، وعلى المنطقة
العربية خُصُوصًا؟، كما تحدث عن ذلك السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -
يحفظه الله – في كلمته الأسبوعية يوم الخميس الفائت، حين فصّل القول في جدوى خيار
الجهاد في سبيل الله تعالى، بوصفه خيارًا فعالًا وناجحًا تتنامى معه الإنجازات
وتتضافر الجهود مع بعضها لتحقيق نتائجَ عظيمة، ولذلك فالأصل أن يكون خيار الجهاد
والمقاومة هو موقف الأُمَّــة، المساند لخيار المجاهدين بكل الوسائل، ومنها
الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها، وهذا هو الاتّجاه الصحيح.
لكن المؤسف - وكما أوضح السيد القائد يحفظه الله تعالى- أن التوجّـه الرسمي
لأغلب الأنظمة ووسائل الإعلام التابعة لها هو اتّجاه آخر، لا يساند ولا يدعم خيار
المجاهدين، بل يشوِّه ويجرِّم الجهادَ في فلسطين، ويصفه بأنه خيارٌ انتحاري غيرُ مُجدٍ،
ويلومُ المجاهدين ويحمِّلُهم المسؤوليةَ عن جرائم الإبادة التي يقترفُها العدوُّ الصهيوني،
وأكّـد السيد القائد أن خيارَ الجهاد ينسجمُ مع القرآن الكريم كتابِ الله العظيم، الذي
تشهد له الحقائقُ والوقائعُ الكثيرة؛ فلا ينبغي للأُمَّـة معها السكوتُ والقبولُ
بحالة الذل والخزي واللا موقف وعدمُ التفاعل والقعود والركود الأشبه بالموت، والخوف
من أمريكا و(إسرائيل) بذلك الشكل الذي كبَّلها وقيَّدها.

المشاهد الكاملة | تخرج دفعات مقاتلة من الكليات العسكرية البرية والبحرية والجوية بالعاصمة صنعاء 20-03-1446هـ 23-09-2024م

بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت عمق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة بصاروخ فرط صوتي استهدف هدفا عسكريا مهما في يافا المحتلة. 15-09-2024م 12-03-1446هـ

مناورة عسكرية بعنوان "قادمون في المرحلة الرابعة من التصعيد" لوحدات رمزية من اللواء 11 للمنطقة العسكرية السابعة