• العنوان:
    أيهما أغلى الكرسي أم الوطن؟ "قراءة مقارنة بين الحالة السورية والمقاومة الفلسطينية"
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

خلال فترة حكم أحمد الشرع في سوريا، شهدت المنطقة توترًا متزايدًا نتيجة تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت أهدافًا حيوية داخل الأراضي السورية. من بين هذه الاعتداءات كان هناك قصف استهدف وزارة الدفاع السورية والقصر الرئاسي، مرسلًا رسالة قوية وواضحة تتعلق بالتحدي الإسرائيلي المتواصل لسيادة سوريا واعتبارها ساحة خلفية مفتوحة للعمليات العسكرية.

هذا الواقع أثار عددًا من التساؤلات حول رد الفعل السوري الذي وُصف بالبارد أَو المتساهل نوعًا ما.

في الواقع، قدمت القيادة السورية تحت حكم الشرع عدةَ تطمينات لـ (إسرائيل)، مؤكّـدة أن الأراضي السورية لن تُستخدم أبدًا كمنصة لأي اعتداء عليها.

خطوات أثارت الكثير من الانتقادات ووصفت بأنها خطوات تنازلية تهدف في المقام الأول إلى الحفاظ على بقاء الشرع ذاته على رأس السلطة، حتى وإن جاء ذلك على حساب السيادة الوطنية.

من ناحية أُخرى، تقف المقاومة الفلسطينية على النقيض من ذلك، حَيثُ تمثل مثالًا للصمود والتحدي في وجه الاعتداءات الإسرائيلية.

فبينما يظهر الشرع ميلًا للتفاوض وبذل التنازلات لضمان استمرار حكمه، نجد المقاومة الفلسطينية لا تزال تتشبث بمواقفها الرامية إلى استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة، مهما كان الثمن.

إن المقارنة بين الموقف السوري في عهد الشرع والمقاومة الفلسطينية تكشف عن تباين جوهري.

فإذا ما قارنا بين سياسات المرونة والتساهل تجاه (إسرائيل) من قبل الشرع، ومواقف المقاومة الفلسطينية الصلبة، نجد أن الجانب الفلسطيني يسعى دائمًا إلى الإظهار أن السيادة الوطنية لا يمكن أن تكون محل مساومة أَو تنازل، حتى في ظل الضغوط الدولية والحصار المفروض، ومن هنا يُطرح السؤال البديهي: هل تُعد السلطة أغلى من السيادة الوطنية للدول؟ في السياق السوري خلال تلك الفترة، يبدو أن حفظ السلطة كان يمتلك الأولوية بالنسبة للشرع وحكومته، حتى وإن كان ذلك يستلزم تقديم تنازلات لا تخدم المصلحة الوطنية على المدى البعيد.

في المقابل، تثبت المقاومة الفلسطينية أن التضحية الآنية قد تصب في مصلحة تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى بغض النظر عن المكاسب الفردية الضيقة.

وعليه فَــإنَّ المواقف الدولية والإقليمية من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا في عهد الشرع كانت أَيْـضًا تطرح تساؤلات حول الدور الذي تلعبه القوى الكبرى في إدارة صراعات المنطقة، حَيثُ تبدو (إسرائيل) دائمًا وكأنها تتمتَّعُ بضوءٍ أخضرَ للقيام بعملياتها العسكرية دون مواجهة رد فعل قوي أَو عقوبات حقيقية.

إن الوضعَ في سوريا في ظل حكم الشرع يبرز معضلة شديدة التعقيد تواجهها الأنظمة السياسية التي تجد نفسها مرتهنة بين البقاء في السلطة والإيفاء بالتزاماتها الوطنية. في المقابل، يُظهر النموذج الفلسطيني قدرة على الصمود والتحدي يستند إلى وحدة الهدف والإخلاص للقضية الوطنية؛ مِمَّـا يجعل السيادة أمرًا لا مساومة فيه. ويظل السؤال قائمًا لكل قيادة سياسية: أيهما أغلى، الكرسي أم الوطن؟