• العنوان:
    البعض يراهن على تغيُّر الموقف الأمريكي: أوهام الارتماء في حضن العدوّ
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في خضم الأزمات العاصفة التي تمرّ بها الأُمَّــة، وسط التوترات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تضرب العالم العربي والإسلامي، يبرز صوت البعض ممن يراهنون – بوعي أَو بسذاجة – على إمْكَانية أن يتغيّر الموقف الأمريكي لصالح قضايا الأُمَّــة. هؤلاء لا يتردّدون في الدعوة إلى الارتماء في أحضان الولايات المتحدة؛ باعتبَارها "قوة عظمى" قادرة على الحل والتسوية وضمان الأمن والاستقرار.

لكن السؤال الجوهري: هل تغيّر الذئب حين يرتدي ثوب الراعي؟

 

رهان خاسر منذ البداية:

التجارب التاريخية والوقائع المعاصرة تؤكّـد بما لا يدع مجالًا للشك أن الولايات المتحدة لم تكن يومًا حليفًا حقيقيًّا لشعوب هذه المنطقة. لقد كانت – ولا تزال – الراعي الأول للمصالح الصهيونية، والضامن لاستمرار الأنظمة الاستبدادية التي تخدم أجنداتها، والمهندس لمشاريع التقسيم والتمزيق من العراق إلى ليبيا، ومن سوريا إلى اليمن وفلسطين.

إن رهان بعض النخب والأنظمة، بل وحتى بعض الحركات السياسية، على إمْكَانية "تغيّر الموقف الأمريكي" ليس إلا وهمًا مبنيًّا على الأماني لا على الوقائع. فالدعم الأمريكي المطلق للاحتلال الإسرائيلي، ومواقف واشنطن المنحازة في كُـلّ الملفات الحساسة، وانخراطها المباشر أَو غير المباشر في الحروب التي دمّـرت بلادنا، كلها شواهد دامغة على زيف هذا الرهان.

 

الارتماء في الحضن الأمريكي: سقوط أخلاقي وسياسي

الأخطر من مُجَـرّد الرهان هو الارتماء في حضن أمريكا، ظنًّا أن هذا القرب سيجلب الحماية أَو المكاسب السياسية والاقتصادية. والحقيقة أن كُـلّ من اقترب من واشنطن وجد نفسه لاحقًا أدَاة تستخدم ثم تُلقى جانبًا، بعد أن يكون قد فقد احترام شعبه وخسر استقلال قراره.

لم تعد أمريكا، في نظر شعوب المنطقة، سوى رمز للهيمنة والغطرسة والدعم غير المحدود للمحتلّ، لا وسيطًا نزيهًا ولا شريكًا موثوقًا. والمواقف الأمريكية الداعمة للإبادة في فلسطين، وفرض العقوبات على الشعوب الحرة، تكشف حقيقة النوايا والأسس التي تحكم سياساتها.

 

الرهان الحقيقي: على وعي الشعوب واستقلال القرار

بدلًا من الركون إلى أوهام التغيير الأمريكي، ينبغي أن يكون الرهان الحقيقي على وعي الشعوب، واستقلال القرار الوطني، ووحدة الصف، وبناء القدرات الذاتية. فالتاريخ لم يُسجّل أُمَّـة نالت حريتها واستقلالها عبر التبعية لأعدائها، بل عبر النهوض على أقدامها، وتحمّل التضحيات، وصناعة القرار الحر.

إن من يطلب النصر من عدوه، لن يحصد سوى الذلّ والمهانة. أما من اختار طريق الكرامة والاعتماد على الذات، فهو وحده القادر على رسم مستقبله والانتصار لإرادته.