• العنوان:
    الشرق الأوسط على مفترق طرق.. حان وقت ردع الكيان الصهيوني ومن يقف خلفه
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في الوقت الذي يعاني فيه العالم من تحولات جيواستراتيجية كبرى، تبقى المنطقة العربية والإسلامية مسرحًا مفتوحًا لعدوان مُستمرّ تمارسه منظومة الاحتلال الصهيوني، مدعومة بشكل مباشر من قوى الهيمنة الغربية. العدوان ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمشروع استعماري تاريخي وظيفته تفكيك الأُمَّــة، وتدمير عناصر نهوضها، ومنع تشكل أي محور مقاوم قادر على التأثير.

 

مشروع عدواني ممنهج:

الاعتداءات الصهيونية على سوريا ولبنان، والاغتيالات ضد إيران، والمجازر المُستمرّة في غزة، كلها تعكس سياسة عدوانية واحدة، لا ترى في الجغرافيا ولا في السيادة الوطنية للدول سوى عوائق مؤقتة أمام تحقيق أمن الكيان وتوسعه. ويزيد الطين بلة، تواطؤ دولي فجّ، يُغلف بالادِّعاء الكاذب لـ"حق الدفاع عن النفس"، في الوقت الذي تُباد فيه شعوب بأكملها.

 

من يغذي العدوان؟

من دون الدعم الأمريكي المفتوح، السياسي والعسكري، لم يكن للكيان أن يتجرأ على هذا التمدد. ومن دون الغطاء الأُورُوبي، لم يكن له أن ينجو من المحاسبة. أما بعض الأنظمة العربية، فقد اختارت أن تتحول من ضحايا تاريخيين للمشروع الصهيوني إلى شركاء في التطبيع، تحت وهم "السلام الاقتصادي" و"الفرص المستقبلية"، كما ظهر في اتّفاقيات أبراهام التي أسقطت ورقة التوت عن مواقفها.

هذه الاتّفاقيات، بدل أن تُسهم في حماية المنطقة، منحت الكيان جرأة إضافية على العدوان، وأسهمت في تقزيم القضية الفلسطينية وتحويلها إلى ملف أمني تُديره الأجهزة.

 

زمن المقاومة والتحالفات الردعية:

أثبتت الأحداث أن خيار المقاومة وحده هو القادر على لجم الاحتلال، وأن محور المقاومة الذي يضم قوى فلسطينية ولبنانية وسورية وإيرانية، إضافة إلى الدعم الشعبي في اليمن والعراق والبحرين، يشكل ركيزة الردع الجديدة. لكن المقاومة وحدها ليست كافية إن لم تتكامل مع استراتيجية ردع شاملة.

نحن بحاجة إلى تحالف ردع إقليمي – دولي، يشمل دولًا عربية حرة، وقوى إسلامية صادقة، وشركاء عالميين من أمثال روسيا والصين ودول الجنوب العالمي. تحالف يُمارس الضغط السياسي، ويفرض كلفة اقتصادية على الاحتلال، ويوفر الدعم الحقيقي لجبهات المقاومة، ويكسر هيمنة الرواية الصهيونية عالميًّا.

 

وعي الشعوب هو الحصن الأخير:

لقد أظهرت الشعوب العربية والإسلامية، رغم التضييق الإعلامي والقمع الأمني، أنها ما زالت على عهدها مع فلسطين والمقاومة. من المظاهرات الحاشدة في صنعاء، إلى الاحتجاجات في تونس والمغرب والأردن وتركيا، يتجدد نبض الأُمَّــة. لكن هذا الوعي بحاجة إلى تأطير وتوجيه، حتى يتحول إلى طاقة استراتيجية منظمة، تفرض نفسها على القرار الرسمي، وتعيد بوصلة الصراع إلى موقعها الصحيح.

 

آن أوان المواجهة الحقيقية:

لم يعد في الوقت متسع للمناورة، ولم تعد البيانات الخجولة مجدية. الصمت شراكة، والتقاعس خيانة، والمواجهة وحدها هي خيار الشرفاء. على الأُمَّــة أن تقول كلمتها، لا بالتصريحات، بل ببناء جبهة ردع حضاري تواجه الكيان لا كدولة محتلّة فحسب، بل كرمز لمشروع استعماري يُراد له أن يستمر بغطاء أممي زائف.

إن التاريخ لن يرحم المتقاعسين، ولا الأجيال ستغفر لمن فرّط في حقها. ولنا في غزة وصعدة والضاحية ودمشق وطهران أمثلة حية، تقول لنا: الردع ممكن، والانتصار ليس حلمًا، إن توفرت الإرادَة، وتحرّرت العقول، واتفقت القلوب.