علي علي العمري

أيها الأحرار…

أيها الصامدون في وجه الطغيان…

أيها السائرون على درب الكرامة والنصر…

نقف اليوم على أعتاب عيد التحرير اللبناني، هذه الذكرى الخالدة التي سُطِّرت بدماء الشهداء، وسواعد المجاهدين، ودموع الأُمهات، وبصبر شعبٍ لا يعرف الانكسار.

هذا أول عيد يمر علينا بعد استشهاد صانع الانتصارات، نصر الانتصارات، الأمين العام، شهيد القدس وفلسطين، السيد حسن نصرالله، الذي لم يكن قائدًا عاديَّا، بل كان مدرسةً في الإيمان، قِبلة في الصمود، منارة للمستضعفين، وصوتًا للمظلومين من بيروت إلى غزة، ومن الضاحية إلى صنعاء…

قدّم عمرَه، ووهب صحتَه، وسهر الليالي ليصنعَ نصرًا بعد نصر، ويقودَ السفينةَ بثبات في بحر متلاطم بالفتن والخيانة. لن ننسى صوتَه الذي دوّى: "هيهاتَ منا الذلةُ"، ولن ننسى تلك العين التي كانت ترى النصرَ من وراء الغيم، وتلك اليد التي وقّعت على قرار الهزيمة لـ (إسرائيل) يوم 25 أيار.

نعم أيها الأحرار…

إن النصر لا يُستورد من عواصم القرار، ولا يُصاغ في أروقة الأمم، بل تُصنَعُه الإرادَةُ الحرة، وتُرسمُه دماءُ الشهداء، ومن يملك الأرض ويؤمن بقضيته العادلة، فَــإنَّ الله ناصره، ولو بعد حين.

يا أبناء لبنان..

أنتم عشتم التجربة، وذقتم مرارة الاحتلال، وعاينتم معنى التحرير، فاثبُتوا على خيار المقاومة؛ فهو الخيار الحكيم، وهو السبيل الوحيد لحماية الأرض والعِرض والسيادة…

لا تُخدَعوا بأبواق النفاق، ولا تُغرَّكم زينة التطبيع، فهؤلاء باعوا دينَهم وأوطانَهم بثمن بخس، وتاجروا بالدماء؛ مِن أجلِ كراسٍ من ورق، وألقاب من خيانة…

لا تصغوا لمن يدعو إلى نزع سلاح الشرف، ولا تنجرّوا خلف من يسوّق للانهزام… فَــإنَّهم يبيعون الذممَ ويشترون الولاءات، ولا يعرفون من العزّة إلا اسمها.

وإلى حزب الله وجماهيره الشرفاء:

أنتم صنّاع المعجزات، وكابوس العدوّ، وأمل الأُمَّــة…

أنتم من أدخلتم جيشه الهشّ في نوبات رُعب، وجعلتم مؤسّساته الأمنية تعيش في فزعٍ دائم، وأساطيره تنهار عند بوابة بنت جبيل…

فحافظوا على أمانة القائد الشهيد السيد حسن نصرالله، وكونوا كما عهدناكم: دروع لبنان، حُماته، وصنّاع عزّه وكرامته.

وفي الختام…

اللهَ اللهَ في السمع والطاعة، وفي الولاء المطلق للقائد الهمام، الشيخ نعيم قاسم، بقية نصرالله ومستودع أسراره…

ففيه الشجاعةُ التي لا تلين، والإخلاص الذي لا يضعُف، والإيمان الذي لا يُهزَم…

كونوا معه، واحملوا الرايةَ من بعد القائد الشهيد، حتى يتحقّقَ وعدُ الله بالنصر الكامل والتحرير الشامل.

والسَّلامُ على الشهداء، وعلى رجال الله، وعلى كُـلّ من قاوم وانتصر، وعاش حُــرًّا عزيزًا.