اتفاقية الدفاع المشترك هذه هي بمثابة إعلان عن مرحلة سياسية وعسكرية عالمية جديدة كان قد مهد لها الرئيس بوتين في أحد تصريحاته عندما قال "روسيا تحتفظ بحقها بتزويد خصوم الغرب بأسلحة بعيدة المدى لكنها حتى الآن لم تقم بذلك" وذلك ردا على دعوة عدد من المسؤولين في الدول الغربية إلى رفع القيود عن استخدام الأسلحة الغربية في أوكرانيا، والسماح لقوات كييف بضرب أهداف داخل الأراضي الروسية. وهذا ما أكده ميدفيديف تعليقا على تصريح الرئيس بوتين حيث قال "بالأمس، حدث تغيير كبير في السياسة الخارجية الروسية بعد بيان الرئيس الذي لم يستبعد إرسال أسلحة روسية إلى دول ثالثة في حالة حرب مع الدول التي تزود أوكرانيا بالأسلحة" وهو المدلول الذي طرحه موقع دزين رو الروسي بشكل أوضح حين اقترح على روسيا أن تقوم بدعم اليمن في مواجهته مع الهيمنة الأمريكية، وإذا أقدمت الدول الأوروبية على دعم أوكرانيا بالصواريخ لمهاجمة روسيا فيمكن لروسيا الرد بتسليح أنصار الله بأحدث أنواع الأسلحة مثل صاروخ كينجال الفرط الصوتي المخصص لتدمير حاملات الطائرات واستخدام الأقمار الصناعية لتصويب هجماتهم على مجموعة حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية وتقديم وحدات الاستخبارات اللاسلكية التابعة للقوات المسلحة الروسية لنصبها في الجبال اليمنية!   

المحطة الأولى للرئيس فلاديمير بوتين كانت كوريا الديمقراطية والتي تعتبر من أكثر الدول عزلة في العالم وهي دولة محاطة جغرافيا بدولة الصين التي تعيش قصة حب/كراهية مع الغرب وينظر إليها الجميع باعتبارها البعبع الاقتصادي التكنولوجي القادم الذي سيلتهم الأخضر واليابس ولا يمكن أن يكون هذا التفاهم العسكري بين روسيا وكوريا الديمقراطية ليتم دون ترحيب صيني.

كوريا الديمقراطية اليوم وبعد هذه الزيارة حظيت بحليف عسكري قوي جدا سيكسر العزلة عنها وسيزيد الضغط على الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأقصى وبحر اليابان كما سيزيد احتمالات تدخل صيني وشيك لتحرير تايوان وفوق هذا وذاك هو يمثل تهديدا عسكريا نوويا مستمرا للساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية.

ولو وضعنا كل ما سبق في الحسبان إلى جانب التقهقر الأمريكي البريطاني الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط بسبب الضربات اليمنية وضربات حزب الله والمقاومة العراقية والتقهقر الفرنسي في النيجر، يبدو الانحسار العسكري الغربي واضحا لا شك فيه..

الغرب وهو الذي يُلقي بثقله في أوكرانيا ويخوض حربا مصيرية خططت لإنهاك روسيا لكن يبدو انها أنهكت الغرب أكثر وانعكست سلبا في مجتمعاته وأدت إلى انقسام فيه وإلى ولادة تكتل عالمي عسكري اقتصادي ثقافي جديد يضم عددا من الدول مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الديمقراطية وفيتنام وسوريا واليمن وهناك دول مرشحة للانضمام لهذا الحلف مثل الجزائر ومصر بل ان السعودية كذلك مرشحة للانضمام لهذا الحلف في حالة إصرار أمريكا على إدانة محمد بن سلمان بقتل خاشقجي ورفضها توليه العرش بعد أبيه.

انحسار الغرب في الآونة الأخيرة لم يقف عند الحد العسكري بل تعداه إلى انحسار أخلاقي ثقافي فبعد الترويج للشذوذ الجنسي ومعاندة الفطرة الإنسانية والأديان السماوية جاءت إبادة غزة ليتضح للعالم حجم النفاق الغربي الذي يعيش منذ بزوغ ترامب زلزالا حضاريا مس قدسية الليبرالية ودنس صنم الديمقراطية وهو فوق هذا وذاك يواجه اليوم شبح أخطر أزمة اقتصادية تلوح في الأفق حسب الخبراء تنذر بسقوط قريب للدولار.