وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا
آخر تحديث 09-08-2021 16:23

القرآن الكريم يتحدث عن هذه المؤامرة في قول الله "سبحانه وتعالى": {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنفال: من الآية30]، اتجه مكرهم إلى المكر والمؤامرة على حياة النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، بعد أن درسوا عدة خيارات في الاستهداف للنبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، في سعيهم لإطفاء نور هذه الرسالة، ولمنع النبي نهائياً من مواصلة عمله في حركته بالرسالة الإلهية.

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال: الآية30]، عقدوا اجتماعهم، وتدارسوا هذه الخيارات في اجتماعهم فيما يسمى بدار الندوة، وكانوا يجتمعون فيه لتدارس أي موقف يريدون الخروج فيه إلى قرار معين، فدرسوا هذه الخيارات بهدف استهداف النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" بأيٍّ منها: إما بالاعتقال والسجن، {لِيُثْبِتُوكَ}، وإما بالقتل، وإما بالإخراج من مكة والنفي منها، استقر رأيهم على خيار القتل، واختاروا لهذه المهمة مجموعةً من شجعانهم من بطون مكة لينفذوا هذه الجريمة بحق النبي "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، وحددوا الليلة التي ينفِّذون فيها هذه الجريمة، نزل الوحي على النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" بالتفاصيل عن هذه الخطة والترتيبات المعدة لها، ومع ذلك الأمر من الله "سبحانه وتعالى" للنبي "صلوات الله عليه وعلى آله" ليهاجر من مكة إلى المدينة.

في تلك الليلة نام الإمام عليٌّ -عليه السلام- في مرقد النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" كعملية تمويهية، وخرج النبي متخفياً، وخرج باتجاه الغار، غار خارج مكة، في الجهة المعاكسة لاتجاه المدينة، في عملية تمويهية وتدبير حكيم، وبقي مختفياً في الغار- كما في بعض الأخبار والسير- لثلاثة أيام، تلك اللحظة لربما كانت من أخطر اللحظات على حياة النبي "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" من جانب، وعلى مسيرة الرسالة الإلهية من جانبٍ آخر، حالة حرجة وحسَّاسة جدًّا، وفيها درسٌ مهمٌ جدًّا، الأعداء عندما بدأوا بالبحث بعد فشل عمليتهم تلك ذهبوا تلك الليلة لمراقبة بيت النبي "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، وهجموا في آخر الليل على منزل النبي، فلم يجدوا النبي ووجدوا عليًّا عليه السلام، وفشلت خطتهم، ولكنهم بدأوا بالبحث بشكلٍ مكثف عن النبي "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، وأعلنوا جائزةً مغرية لمن يدلّ عليه، أو يدلي بمعلوماتٍ تكشف موقعه أين هو، وكانت هذه الجائزة: مئة ناقة، عرضوها لمن يدلي بأي معلومات تساعدهم على إلقاء القبض على رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" أو قتله، ثم بدأوا يتحركون في عملية بحثٍ مكثفة في كل مكة، وفي كل محيطها، وفي خارجها، واستعانوا بمن يقتفون الآثار ويتتبعونها، في الأخير اكتشفوا أثر خطى النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، وأين اتجه، فتتبعوا أثر الخطوات حتى وصلوا إلى الغار، كان في الغار لوحده، ليس معه إلا صاحبه، كما في القرآن الكريم وهو يروي لنا ما ورد في قوله -جلَّ شأنه-: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: الآية40].

اللحظة التي وصل فيها الأعداء إلى جوار هذا الغار كانت أخطر لحظة على مسيرة الرسالة الإلهية، وعلى الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله"، لكنه في تلك اللحظة كان عظيم الثقة بالله "سبحانه وتعالى"، وكان يُطَمْئِن صاحبه قائلاً له: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، بما تعبِّر عنه هذه العبارة في تلك اللحظة الحسَّاسة والحرجة من ثقةٍ عظيمةٍ بالله "سبحانه وتعالى"، وتوكلٍ عليه جلَّ شأنه، واطمئنان إلى نصره وتأييده، هي تشبه اللحظة التي قال فيها أصحاب موسى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: من الآية61]، عندما وصلوا إلى البحر، وأصبح فرعون بجنوده خلفهم، فكان البحر من أمامهم، وكان فرعون وجنوده خلفهم، فكانت لحظة مقلقة جدًّا بالنسبة لهم، وصلوا فيها إلى حالةٍ من اليأس بالنجاة، فكانت هذه مقولتهم، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء: 61-62]، فمقولة النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" لصاحبه في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، وهو يطمئنه بذلك، كمقولة موسى عليه السلام لأصحابه في تلك اللحظة الحسَّاسة والحرجة عندما قالوا: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي}، الأنبياء والرسل في إيمانهم العظيم بالله، يشعرون بمعية الله "سبحانه وتعالى" ويؤمنون بها في أحرج اللحظات، وأصعب المواقف، وأكبر التحديات.

{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، وفعلاً أتت الرعاية الإلهية والتدخل الإلهي المباشر في تلك اللحظة الحسَّاسة جدًّا والخطرة للغاية، {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ}، يعني: على النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا}، وفَّر له الدعم والإسناد الكافي واللازم على المستوى النفسي، ولما يضمن أيضاً حمايته في قوله: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى}، ففشلت كل جهودهم، وخابت آمالهم، ونجحت عملية الهجرة بكل ما ترتب عليها من نتائج مهمة وكبيرة، استمرت وامتدت آثارها ونتائجها العظيمة والمهمة إلى اليوم، وتمتد إلى قيام الساعة، بكل ما يترتب عليها على امتدادها من نتائج كلما أعادت الأمة الارتباط الوثيق بمبادئ هذه الرسالة وقيمها.

{وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}، كلمة الله دائماً دائماً هي العليا، وهي لا تنخفض، وهي لا تسقط، تبقى عاليةً دائمةً، والأمة كلما تمسَّكت بها، والمؤمنون كلما التزموا بها واتبعوها، يكونون هم الأعلون، ولذلك لم يقل هنا: وَكَلِمَةَ، قال: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ} بالرفع، {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}؛ لأنها دائماً كأمرٍ ثابتٍ هي العليا، {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فنجحت عملية الهجرة.

وعندما هاجر النبي "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" إلى يثرب، إلى المدينة، إلى المجتمع الذي رحَّب بهذه الرسالة الإلهية، ودخل فيها، وتحرك لنصرتها، وحظي ذلك المجتمع المشكل من الأوس والخزرج باسمٍ عظيمٍ من الله "سبحانه وتعالى"، يعتبر وسام شرفٍ كبير جدًّا، لقد سمَّاهم الله بالأنصار، هذا اسم من الله.

في أيام معاوية حاول معاوية أن يلغي هذا الاسم عنهم، فكانوا مستعدين للثورة والقتال، ولا أن يلغى عنهم هذا الاسم، هذا الاسم ارتبط بقيامهم بهذا الدور في نصرة النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، ونصرة الإسلام، فسمَّاهم الله في كتابه الكريم بالأنصار.

الأنصار امتازوا عن مجتمع مكة الذي كان مجتمعاً مادياً، وكان مجتمعاً معجباً بالطغاة والظالمين والجائرين والمستكبرين، ففشل ولم يتأهل لنيل هذا الشرف الكبير، ولم يخرج منه إلا القليل، ممن كانوا أخياراً ومسلمين، وانطلقوا في صف الرسالة الإسلامية في مراحلها تلك، لكن مجتمع الأنصار امتاز بمميزات مهمة، تمثِّل دروساً ينبغي أن يحرص مجتمعنا الإسلامي على الاستفادة منها في كل مرحلة وفي كل زمن.

شكر للمسيرة: اليمن هو المفاجأة الاستراتيجية الكبرى في معركة فلسطين
خاص | 18 يوليو| هاني أحمد علي: أكد أستاذ العلاقات الدولية في لبنان، الدكتور علي شكر، أن اليمن هو المفاجأة الاستراتيجية الكبرى في معركة فلسطين، بعد أن قدم دور عسكري نوعي أربك العدو الإسرائيلي وأعاد رسم خريطة الصراع.
المجاهدين الفلسطينية: القتل بالتجويع وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي العاجز
أدانت حركة المجاهدين الفلسطينية، سياسة القتل بالتجويع والحصار الخانق التي يمارسها كيان العدو الصهيوني ضد سكان قطاع غزة، وسط صمت مخجل يمثل وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي العاجز.
الأورومتوسطي: الموقف الأوروبي يغذي الإبادة في غزة ويكرس احتلال الأرض
أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الموقف الأوروبي يغذي الإبادة الجماعية بغزة ويكرس الاحتلال للأرض الفلسطينية.
الأخبار العاجلة
  • 16:11
    بيانُ مسيرات "مستمرون في نصرة غزة ومواجهة الاستباحة الصهيونية للأمة": نجدِّدُ وقوفَنا الثابتَ في مواجهة جرائم ومخططات العدوِّ الصهيوني والأمريكي في منطقتنا
  • 16:09
    الجيش اللبناني: لبنان يواجهُ ظروفًا استثنائيةً أبرزُها انتهاكُ السيادة الوطنية من العدوِّ وتحدياتُ حفظِ الأمن في الداخل
  • 16:09
    الجيش اللبناني: لن نسمحَ بأي مَسٍّ بالسلم الأهلي وتجاوُزُ المرحلة يتطلَّبُ الوَحدةَ وعدمَ القيام بأعمال تترُكُ تداعياتٍ أمنيةً
  • 15:39
    إعلام العدو: إطلاق صاروخ من منطقة جباليا شمالي قطاع غزة
  • 15:17
    إعلام العدو: صفارات الإنذار تدوي في غلاف غزة الشمالي
  • 15:17
    إعلام العدو: صفارات الإنذار تدوي في غلاف غزة الشمالي